هذا الموضوع طرحته منذ خمسة عشر عام وأعيده اليوم بعد نجاح المملكة في استضافة العديد من المسابقات الرياضة العالمية ولعل آخرها وليس بآخرها - بإذن الله - سباق ( فورمولا 1) حيث مما لاشك أن السياحة والرياضة والترفيه أصبحت صناعة ومقاصد ذات أولويات في سياسات الدول الاستثمارية، وأحسنت المملكة حينما حرصت على إنشاء (الهيئة العامة للسياحة والأثار)، وما ذلك إلا بوادر مشجعة نحو خلق أسواق سياحية خلاقة تستشعر أهمية السياحة، سواء لتخفيف هجرة السياح السعوديين إلى الخارج أو استقطاب وافدين لغرض السياحة بشكل عام، ولاشك أن في المملكة مناطق سياحية تعتبر على مستوى الخليج مميزة بأجوائها المعتدلة صيفا، وكذلك سهولة الوصول اليها سواء جوا أو برا.

ولعل الشريط الممتد من الطائف إلى أبها وبطول 600 كم خير دليل على ذلك، وحقيقة مازال هذه الشريط السياحي يفتقد للكثير من مرافق الخدمة العامة التي تدعم السياحة سيما في منطقة الوسط الممتدة من الطائف مرورا بالباحة حتى مشارف مدينة أبها، وذلك لعدة أسباب منها القصور الإعلامي الدعائي الممنهج ،ثانيا سريان أسطوانة (المشاريع السياحية لا تؤكل عيش) ،وذلك لقصر المدة الناتج عن سوء التخطيط والتي غالبا هي لا تتجاوز شهرين تعتبر ذروة الصيف في أهم مناطق الاصطياف في المملكة، وما ميزها أيضا من جماليات الفصول الأربعة.

والمتأمل لمناطق السياحة صيفا في المملكة والخليج لن يجد مكانا أنسب من المناطق الممتدة من الهدا شمال الطائف إلى عسير جنوبا، وأنا قد أقتصر الحديث عن السياحة صيفا لأننا أصبحنا في عصر مليء بالمواسم السياحية التي لا تكاد تنقطع والتي تشهد حراكا سياحيا كبيرا.

ومما يؤسف له أن الهيئة مازالت أجندتها تقليدية تجاوزت المرحلة الأخيرة من إستراتيجيتها التي برمجتها ما بين (1422 ـ 1441هـ ) دون أن نلمس بصمات كبيرة في مجال تنمية السياحة الداخلية، فالفكر مازال هو الفكر، والتقليدية مازالت المسيطرة على الأداء في المساحة ما بين الطائف، وعسير مازالت البدايات وكأننا ما زلنا بعيدا عن إدراك أن (السياحة) صناعة وليست عمارة عبارة عن شقق، قد تجد من يستقبلك ويتفاهم معك طفل لا يتجاوز (العاشرة)، ولا يوجد به سوى موظف وعمل وخدمات شبه مفقودة، وعلى ذلك نقيس الأغلب.

وهنا أدعو هيئة السياحة إلى إعادة دراسة إستراتيجياتها وفق ما يساعد على خلق مدن سياحية صيفية مميزة، فإذا استثنينا الطائف وعسير من مساحة هذا الشريط البالغ 600 كم، نجد أن المساحة المتبقية غائبة عمليا وميدانيّا من أجندة الهيئة، وقبل فترة وعندما أشاهد (سباق طواف فرنسا) استذكرت القصور الإعلامي والدعائي من قبل الهيئة، وباختصار شديد، فإن سباق طواف فرنسا للدراجات هو منافسة رياضية للدراجات ، أول سباق دراجات مكون من 21 مرحلة موزعة على واحد وعشرين يوما.

هذا السباق ينظم سنويا قبل بداية الصيف وتبلغ مسافته 3000 كلم .

السباق خلق للسياحة في فرنسا دعاية كبيرة، لذلك تحرص كل من وزارة السياحة والصحة والرياضة في فرنسا على إقامته سنويا ، ومع بداية موسم كل صيف ويوميا لمدة 5 ساعات على الهواء وتنقله قرابة ثمانون قناة ويركز النقل فيه على الريف الفرنسي والمعالم والقلاع والمزارع والطبيعة الخلابة، وكم أتمنى أن تتبنى الهيئة العامة للسياحة وأن تستغل نشاط وحراك وبرامج هيئة الترفيه ووزارة الرياضة مثل هذه الفكرة ، والعمل على إحياء فكرة سباق دراجات سواء خليجيا أو عربيّا أو عالميّا، يبدأ على مراحل من الهدا بالطائف وحتى عسير أو العكس، ويكون ذلك مع بداية كل موسم صيف.

ستلاقي الفكرة مصاعب في البداية لكنها محققة لمكاسب كبيرة ستجعل الجميع يحرص مستقبلًا على تنفيذها ويمكن تقسيم السباق على سبع مراحل أو أكثر كل مرحلة تبدأ من الساعة الواحدة ظهرًا وتنتهي بمعلم من معالم المكان الذي تنتهي فيه مع الأخذ بمرور المتسابقين على أبرز المعالم في كل مدينة أو قرية يمرون بها وهنا لابد من مشاركة وزارة الداخلية من مرور وأمن عام وأمن طرق والدفاع المدني والهلال الأحمر وجميع القطاعات، وكذلك مشاركة الطيران العمودي في التصوير المباشر ووجود معلقين لهم خبرة بمناطق السباق من الناحية الجغرافية، والتاريخية بالإضافة إلى المعلق المتخصص برياضة الدرجات واستغلال المساحة الشاسعة والمرتفعة طول الطريق للوحات شعبية تتفنن المدارس والمحافظات في رسمها وتشكيلاتها، هذا باختصار أرجو ألا يكون مخلًا.