يمشي كده كده قدمها الجمهور الاتحادي بواسطة أحدهم الذي لم نعرف من هو، كما دائما يختفي اسم البطل الحقيقي، بصرف النظر عن بساطة الموضوع كما في هذه المقولة الشعبوية أو غيرها من الأعمال العظيمة، والأمثلة كثيرة، وأكثر شيء عليه العتب وشيء له العجب مثلاً أن يذيع مقدم البرنامج: الآن نقدم لك أغنية المطرب زيد بن عبيد، وطبعا كل الناس عارفين هذا المطرب ومن صوته سواء حلو زي كم نفر وصلحه، أو وحش والعدد في الليمون، وفي مقدمتهم من يفحط ويفرمل ويضرب بوري، كلها في وقت واحد وهو يصارخ ويمشي كده كده والا ما يمشي كده كده هي ماشية معاه كده كده، اللهم لا حسد وهو يغني وينطنط في آن واحد، هكذا المطرب يا جماعة والا بلاش، اللي تبيه موجود مجموعة نشاز، ولكن الكذب خيبة ناجح بامتياز، واللي مش عاجبه يشرب مويه عادية لأن موية البحر صارت حلوة وزي الفل، ورخيصة من البزبوز للحنك.

المهم أنهم يعلنون عن المطرب وحتى لو في التلفزيون صوت وصورة، أما الكاتب الذي هو أساس العمل والعمود الفقري لا يذكر، وكذا الملحن لأنه ايش سوى غير طقطق على العود حبتين، وقال تفضلوا زين أو شين وقبض المعلوم، الذي هو إن حصل فتات من على موائد المغنيين والطقاقات.

وبالمناسبة كلمة العمود الفقري أعجبتني لأنها موافقة إلى حد بعيد مع حال المؤلف، ويمكن مع الملحن أكثر، وعقبال ما نطلق عليهما العمود الغني، لعل وعسى تتحسن ظروفهم وتمتلي جيوبهم بما يسيل له اللعاب، وأنصحهم بأن يطلبون من الخياط أن يصغر الجيوب لأنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم.

طبعا عشم إبليس في الجنة، وإن كان وصول شيء له قيمة للجيوب تلك من ثامن المستحيلات، وقلت ثامن لأن الظاهر أن السبعة المستحيلات التي كانت مضرباً للمثل صارت محجوزة للآخرين، ويا دوب تكفيهم يا حسرة، وإذا يبغون من الثامنة نتفة نقول لهم «معصي» والله ما تذقونها يعني باقي الناس ما لهم حظ، ياعالم بلا طمع خلوا للناس شوية مستحيلات يجرون وراءها.

أنا لم أنس زيلينسكي، بس يعني كان لا بد من شوية مقبلات، وبخاصة أن ليالي رمضان على الأبواب.. وزيلينسكي الآن في مقدمة الذين يمشون كده كده.. فالحرب الروسية الأوكرانية أفرزت لنا بعض ما تخبئه كواليس السياسة، وأظهرت لنا أنياب معظم السياسيين، وبخاصة الذين يدعون الديمقراطية ويفصلونها كده كده، وصموا آذاننا وأوجعوها بالبكاء على حقوق الإنسان، وهم الذين يشعلون الحروب ويزيدونها حطبا، والمثل الذي ينطبق عليهم تماما هو «يقتلون القتيل ويمشون في جنازته».

هذه الحرب لها ضحايا، والخاسرون فيها في رأيي هما بايدن على المدي القصير وما بعد، وبوتين على المدى المستقبلي، وكل منهما يمشي كده كده، فتصريحاتهما متخبطة، وخاصة بايدن، وكذا القيام بخطوات غير محسوبة، رغم أنهما رئيسان لدولتين عظميين، ولكن نعلم حتى وصول قادة أعظم الأمم إلى أعلى المناصب، وبخاصة في أمريكا يمشي كده كده، أو سمعت أنه في استفتاء «لم يحصل» أن شعبية بوتين ارتفعت ولو أنها في روسيا عادي، إنما في كثير من دول العالم استغربت، لكن اتضح السبب أن تلك الدول حجزت طلبات لحوم كثيرة من روسيا، بعد ما صرح بايدن بأن بوتين جزار، والأغرب كيف يصدقون تصريح إنسان يا دوب يمشي كده كده.

أما زيلينسكي فهو من أيام ما كان ممثلا كان يمشي كده كده، وفي غمرة هذه المسرحية الأوكرانية يحق لي أن أتندر على الخدعة التي ضحكوا فيها على ذقون العالم، وتلك عن مآثر وعفرتة هذه الـCIA السي آي ايه.التي يذكرني اسمها غير اللطيف بأغنية أم كلثوم «حب ايه اللي انت جي تقول عليه... انت عارف ’أبله’ معني الحب ايه»، وكلمة أبله باللهجة المصرية معروف المقصود منها «قبلاً»، ولا أحد يفسرها بالبلاهة، أو كما في المدارس "أبله" فضيلة والا "أبله" منى، والا أي «أبله» ثاني مش فارقة، فجهاز السي آي ايه الذي في أمريكا وغيرها يعتمد عليه طلع أي كلام، وأعتقد أن له سوابق كثيرة في الخيبات، إلا إذا كان البيت الأبيض هو الذي يفبركها حسب الطلب بعد ما توصل لعنده، الله أعلم.

لقد صرح CIA بأنه يتوقع أن تسيطر طالبان على كابل في خلال ستة أشهر، والحقيقة أنها كانت فقط أيام مع «دودة» أو مع "فراشة" كله محصل بعضه، فخلال بضعة أيام كوّشت طالبان على أفغانستان، وزد على ذلك تجملوا مع الأمريكان وغيرهم في ترحيل جنودهم، وأكيد منهم أفراد من السي آي إيه والبنتاغون «المعفرتين» والبقية شايلينهم لعوزة.

والمرة الثانية التي ظهر أنهم ما عندهم سالفة عندما توقعوا احتلال الروس لكييف خلال 92 ساعة، وها هي كييف «ناشبةٍ في حلز الروس والأمريكان في وقت واحد، أما عن زيلينسكي فهو كان يمشي كده كده في التمثيل في مسلسل من إنتاجه وبطولته اسمه خادم الشعب، ويلعب فيه دور رئيس أوكرانيا، ونشرت حلقاته في 2015 واستمرت حتي 2019، وسجل حزبا باسم المسلسل في عام 2018، ومشى كده كده حتى انتخب رئيسا لأوكرانيا عام 2019.

وأخيرا بدأت المناوشات بين روسيا أوكرانيا، يشعلها طموح بوتين سواء كان مبررا أم لا، خاصة بعد ضم القرم وانفصال إقليمي دونيتسك ولوغانسك، وغذى تلك المناوشات أمريكا وأوربا وأكيد قالوا له خذ راحتك يا زيلينسكي انت ولدنا يا زيلينسكي ولا تشيل هم وراك رجالة، وبعدين في الهيجاء ما جربت نفسي، وتركوه وحاله كده كده يواجه ما أسهمت فيه يداه، وبين حين أو آخر يرمون له بعض السلاح لتستمر ألمعركة ولا تنتهي، وكل الهدف رأس «بوتين» وليس حبا في أوكرانيا.

وفي رأي بعيد عن أي ميول أو أماني، فالرابح الوحيد حتف أنفه سيكون زيلينسكي مهما كانت النتيجة، فهو سيعد بطلا قوميا، وتنصب له التماثيل وخاصة في متحف مدام توسو، وأيضا قد يحصل على جائزة نوبل، ولا شك مهما كان رأينا فيه فإنه صمد وناضل، وليس كما بعض الزعماء المخدوعين فيهم بعض العرب واتضح أنهم نمور من ورق ومن الهواء ذبنا، وانتهت حياتهم بذلك التاريخ غير اللائق.

الذي لفت انتباهي كثيراً في خضم هذه الحرب هو حجم الأكاذيب من كافة الأطراف، حتى غير المنخرطين في المعركة مباشرة، سواء من حيث فبركة الأخبار، وخاصة عن عدد القتلى أو الأسرى، أو من حيث فبركة أعداد المواقع العسكرية في أوكرانيا، لدرجة أني بت وصحوت معتقداً أن أوكرانيا كلها معسكرات ومعدات عسكرية ومطارات وليس فيها بني آدم ولو صريخ ابن يومين.

The end إن جائزة نوبل جاهزة وعلي مسؤوليتي لزيلينسكي وذلك كبطل أو كذكي أو مخدوع.. الاختلاف فقط فى المسمى وهم في انتظار وضوح الصورة أكثر أو ختام المشهد كيف ما كان، وهل هو سيمشي بعدها كده كده أو كده كده.

ومضة

أهنئ الجميع بقدوم شهر الخير رمضان المبارك. تقبل الله طاعاتكم. وبعد العيد نلتقي. إن شاء الله.