المملكة العربية السعودية وقيادتها تبوأت قيادة الحج بل وتفننت في تقديم الخدمات للحجاج بأرقى المعايير العالمية، وهنا يكمن الدرس الأول من دروس فعالية الروح وهو أن المملكة تنشر للعالم أن المكسب الحقيقي هو الإنسان وحياته وحماية روحه وترميم ما اعتراه من ألم والتخفيف عنه ومساعدته في القيام بعبادة بدنية وروحية تعيده بلا ذنوب كيوم ولدته أمه، وهذا تأصيل للقيم والمعايير التي تتعلق بالقلب والإيمان وفعل الخير بعيدًا عن مؤشرات العمل المادية ومعالجة فجوات الأداء التي تنظر لكل شيء بنظرة كم كسبت وكم خسرت.
الدرس الثاني هو أن ما شاهده العالم أجمع من تكاتف الجميع في هذا البلد المعطاء لخدمة الحجيج هو نموذج فريد من نماذج العمل الإداري الذي يجمع بين فعالية الأداء المادي وفعالية الروح، فالدولة تبذل في جميع مجالات الخدمات الصحية والأمنية والاجتماعية والدينية وتحقق مستويات أداء رائعة يتعلم منها الجميع مهارات الإدارة من تخطيط وتنظيم وتنسيق وتوجيه ورقابة ينبغي أن تُدرس في أكبر كليات الإدارة حول العالم، بل والذي يحلق بالأداء الحكومي خلال الحج ما تنقله عدسات الحجاج وغيرهم من نماذج سعودية لرجال الأمن والصحة وغيرهم من أعمال نبعت من داخل أرواحهم وبدون تكليف من أحد وفوق واجباتهم الوظيفية، وهذا أعظم دليل على تحقيق المواطنة التنظيمية والانتماء الذي لم يسبق له مثيل وفعالية الروح لدى أبنائنا، ومن اللافت أيضًا للبصر والقلب ما يبذله الأخيار من أنهار الصدقات والهبات على الحجاج وغيرهم لينعم الحجاج بأقصى درجات الراحة عند أداء الفريضة، بل والرائع أن من لا يملك المال منهم فهو يتصدق بجسده وروحه وفكره وتخطيطه وقلمه للحجاج، مجموعات وفرق التطوع من الرجال والنساء سعوديين وغير سعوديين تملأ جنبات الحرمين الشريفين، خلايا من البشر تعبر بالقيم من مستواها المادي إلى أرقى مستويات القيم الروحية ليعود الجميع بعد انقضاء الحج مغفورًا لهم بإذن الله كالحجاج تماماً، وهؤلاء الرجال والنساء هم خير الخلق لأنهم أنفعهم لهم.
الدرس الثالث هو أن المملكة العربية السعودية تؤصل ريادتها في القيادة والتأثير لتحقيق الأهداف وفعالية الروح، والحج هو أبرز منظومة إدارية تدار بسواعد سعودية، تقول للعالم إننا قادمون وبقوة نحو استدامة التأثير، وقوة الأداء، والابتكار التنظيمي والتكنولوجي الذي يحقق أهدافنا الروحية والمادية بتوازن دون ميل لجانب على آخر، يجعلنا نثق بالقادم أنه سيكون في أعلى درجات التميز بإذن الله.
حفظ الله مملكتنا وحفظ قائدنا خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وكل فرق العمل في وطننا، وكل عام وأنتم بخير.