في المقال السابق تكلمت عن الدواء وصناعته وأهميته عالميًا، وهنا سأركز عليه لدينا وطرق تطويره.

لدينا في المملكة العربية السعودية حوالي 40 مصنعًا مصرحًا لتصنيع الأدوية، يغطي إنتاجها حوالي 25% من حاجة الدواء محليًا، وحسب علمي أن السعودية تستورد 100% من اللقاحات ومنتجات الأدوية الحيوية، وهذا أمر مقلق لا بد من الانتباه إليه وأخذ العبرة من جائحة كورونا التي شغلت العام والخاص، وأصبح الناس رجالًا ونساءً وأطفالًا يتابعون وينتظرون وصول اللقاح إلى المعامل للحد من هذه الجائحة.

وعليه فإن تحديد الأولويات في هذه الصناعة أمر مهم جدًا، فلا بد أن نعرف ما هي الأدوية (علاج ولقاح وأمصال) التي نحتاجها التي تمثل أهمية قصوى لدينا ثم، نبدأ في محاولة تصنيعها محليًا إما بجذب الاستثمارات العالمية لمصانع الدواء العالمية القوية عن طريق جذبهم بالمزايا، أو عن طريق الاستحواذ على نسب تملك في هذه الشركات ونقل المصانع ولو بشكل جزئي إلى السعودية أو إقامة فروع لها في المملكة العربية السعودية.

كذلك إنشاء مراكز بحثية ومعامل للبحث والتطوير، وهما ما يطلق عليهما RD، من خلال جذب العقول المميزة في هذه الصناعة والعمل على إغرائهم للقدوم والعمل لدينا (عالميًا يتم صرف أكثر من 150 مليار دولار سنويًا على الأبحاث في مجال صناعة الدواء) وتوجد لدينا مراكز بحثية في قطاع الدواء مثل مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، فما الذي يمنع أن تكون لدينا مدينة أبحاث تختص بالدواء، فالحمد لله لدينا قيادة طموحة قوية ولدينا رؤية 2030 ولدينا العقول المبهرة والأموال القادرة على تسهيل هذه الأمور وإنجاحها.

وأنا أركز هنا على إنشاء مراكز بحثية صيدلانية لأهميتها، ولأنها عامل مهم لنجاح وتطوير هذه الصناعة وركن أساسي مهم ومهم جدًا، لأن الدواء مجاله واسع والأمراض – حمى الله الجميع منها – هي كثيرة، وكل عام تظهر أنواع جديدة منها لا يوجد لها علاج وقت وقوعها مثل كورونا وإيبولا والعديد من الأمراض الحديثة، فلذا وجود مراكز بحثية أمر مهم لهذه الصناعة وللحفاظ على الصحة ولدعم مصانع الأدوية لدينا لتسهيل عملها وعدم حاجتها إلى تراخيص لصناعة الدواء من الدول العالمية والتي تتمنع كثيرًا عن منح حقوق التصنيع والاستثمار بها لديهم، ولذا وجب الاهتمام بالطب الحديث، وهو الذي يهتم بالوقاية، وكذلك اللقاحات المعتمدة على الحمض النووي وشبكة البروتينات البشرية، وهذا أمر ينتزع انتزاعًا فلا نتوقع أن الآخرين سيسعدون لإعطائنا أسرار هذه الصناعة، كما أنه لا يخفى على الكثير أن الأمراض والأوبئة – كفانا الله وإياكم شرها – لا تطرق الأبواب وتستأذن بالدخول فهي تقتحم اقتحامًا، لذا وجب الاستعداد لها بتوفير الأدوية محليًا وعدم اللجوء لانتظار طابور أمام رحمة المصنع الخارجي الذي لديه أولوياته وأجندته الخاصة ومصالحه والتي لسنا من ضمنها.