فيما تداول كثيرون فكرة «المتاجرة بالغبار» على أنها ليست أكثر من طرفة، إلا أن الشاب مهدي السلوم كشف في حديثه لـ«الوطن» أن تجارته بالغبار تزدهر وتلقى رواجا، حتى بدأ تصديره إلى بعض مدن المملكة.

وكثيرا ما تتعرض منطقة القصيم، وعاصمتها مدينة بريدة إلى موجات من الغبار التي بقدر ما تحمل من الضيق للبعض، إلا أن آخرين يرونها مفيدة، حيث تسهم في تلقيح النخيل، وفي هطول الأمطار عقبها، ما ينعكس خيرا على مواسم النخيل في القصيم وعلى تمورها المميزة، كما دخل استخدامها في «تغبير» السيارات على خط الفوائد حسب السلوم.

لحاق بالشاحنات

تغبير السيارات يتجلى في الغالب في وضع غبار على واجهات السيارات بما يجعل منظرها مختلفا قليلا حيث يعطي تلك الواجهات لون الغبار، وكثيرا ما راج أنها تحمي الواجهات من الغبار عند السفر على بعض الطرق البرية في المملكة، حيث يكثر الغبار أو «السافي» والذي يحمل حبيبات دقيقة من الغبار يمكنها أن تخرش ملمس الواجهة الناعم.

وتعود ظاهرة الـ«تغبير» إلى المشهد عقب كل موجة أمطار على مدن المملكة، حيث يلجأ كثير من الشباب إلى السير بمركباتهم خلف الشاحنات الكبيرة والمتوسطة لتلقي الرذاذ والغبار المتطاير منها ليلتصق بمركباتهم، مع ما يشكله هذا التصرف من خطر على الجميع، وما يزيده من احتمالات التسبب بعدد من الحوادث المرورية المميتة خصوصا أن الرذاذ المتطاير المحمل بالغبار والماء غالبا ما يعيق رؤية السائق.

استثمار

في مدينة بريدة، استثمر مواطن في هذا التوجه الشبابي، وبدأ جمع الغُبار وبيعه على الشباب كمادة خام، وأحيانا يتولى بنفسه رشه على السيارة بمبلغ مالي مقبول من خلال عمالة وآلات متخصصة بعيداً عن التصرفات المخالفة والخطيرة.

ويقول الشاب مهدي السلوم لـ«الوطن» إنه يعمل في هذا النشاط منذ تسعة أعوام، وهو ما قاده مع الوقت إلى التوسع في مجال زينة السيارات واحتياجاتها الإضافية التي يرغبها الشباب مثل التلميع والتغبير وغيرها.

وأشار إلى أن «تكلفة تغبير سيارة واحدة تتراوح بين 50و100 ريال حسب حجمها وكمية الغبار المستهلكة في طلائها».

وحول مصدر الغبار المستخدم، قال «أجمع الغبار من أسطحة المنازل المهجورة والمستودعات، وهذا النوع هو الأقرب للون ما يسمى بـ»غبار الوكالة«العالق في السيارات الجديدة، كما أقوم بجمع الغبار أيضاً من الأراضي السبخة وتجفيف طين الأودية بعد المطر وهذا النوع يأتي لونه غامقاً نوعاً ما وله هواته».

ولفت إلى أن الطلب على مثل هذه الأنواع من الغبار تزايد بشكل مستمر حتى دفعه إلى التفكير في تصديره خارج القصيم وفعلاً نجحت الفكرة على أرض الواقع، حيث يقوم حالياً بتأمينه بكميات كبيرة وتصديره إلى محال تجارية وأفراد في الرياض والطائف وتبوك وحائل، وذلك بقيمة تتراوح بين 300و400 ريال للكيس (الخيشة) الواحد سعة 50 كيلوجراما.

حماية الطلاء

أشار السلوم إلى أن زبائنه من فئة الشباب من الجنسين، وأيضاً بعض كبار السن الذين يستخدمون التغبير لحماية دهان مركباتهم عند السفر على الطرق السريعة.

وشدد السلوم على أنه عند تغبير السيارات يراعي الأنظمة المرورية من خلال عدم طلاء الزجاج لأن طلاءه يحجب الرؤية ويمنعها، وكذلك عدم طلاء اللوحات أو تغيير ملامح الهيكل الخارجي.

ونصت المادة 25 من نظام المرور على أنه «يحظر - دون تصريح سابق من الجهة المختصة - إجراء أي تعديل في المركبة يغير لونها، أو معالمها أو تجهيزاتها الأساسية، أو يؤدي إلى زيادة حمولتها، أو أبعادها المقررة».

يذكر أن منطقة القصيم شهدت مؤخراً تنظيم عدد من الفعاليات الشبابية الاستعراضية المتعلقة بالسيارات وزينتها، وذلك بإشراف رسمي تحت مظلة عدد من الجهات الحكومية والخاصة، سعياً لاحتضان هوايات الشباب وتنمية قدراتهم وتوجيه طاقاتهم.

الحد من الخطر

من جانبه، بيّن المواطن أحمد العنزي أن توفر مثل هذه الخدمة «التغبير» بمبالغ معقولة يحد من خطر ظاهرة التغبير وقت المطر، أو ما يسميها بعض الشباب «تقليعة المطر» التي يقوم من خلالها الشاب بالسير خلف الشاحنات في الطرق المكتظة لتلقي الرذاذ المتطايرة منها على الطرقات المبللة بالمطر والتي غالبا ما يخالطها الغبار، وهي ظاهرة خطيرة تسببت في عدد من الحوادث المرورية التي أزهقت الأرواح.