رؤية المملكة 2030 تهدف لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وأيضاً تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وخفض الاعتماد على النفط، وزيادة الاستثمارات في القطاعات الحيوية والمبتكرة، مثل التعليم والصحة والسياحة والترفيه والتكنولوجيا. ولتحقيق هذه الأهداف، تحتاج المملكة إلى جيل جديد من رجال الأعمال يؤمن بالإبداع والتطور والابتكار والتحديث ويجعل صلب أعماله في مجالات الرؤية، بدلاً من الاكتفاء بالاستثمار الكلاسيكي في العقار فقط.

فالاستثمار في العقار نشاط تقليدي وقد يكون سلبيا، يعتمد على شراء الأراضي والعقارات وانتظار ارتفاع أسعارها دون أي قيمة مضافة كبيرة للبلد أو خلق فرص عمل جديدة، كما أنه قد يخنق ويؤثر في الصناعات والأعمال التجارية الأخرى التي تحتاج إلى مساحات أرضية لإنشاء مشاريعها، ويزيد من كلفة المعيشة للمواطنين. وأيضاً يقلل من القوة الشرائية المتوفرة لكي يتم صرفها في المجالات الأخرى التي تحرك الحركة التجارية. إضافة إلى ذلك، فإن الاستثمار في العقار يجعل رجال الأعمال يفقدون حس التحدي والابتكار، ويصبحون رهائن لطول فترة انتظار سوق العقار.

ولذلك، يجب أن نشجع جيلاً جديداً من رجال الأعمال، لا تهم أعمارهم، بل توجهاتهم وطموحاتهم. علينا التفكير خارج الصندوق، والبحث عن فرص استثمارية جديدة في مجالات متنوعة تتوافق مع رؤية 2030. فهذه المجالات توفر فرصاً عظيمة للنمو والربح، وتمثل قيمة مضافة للبلد وتخلق وظائف وتحرك الدورة الاقتصادية، كما أنها تسهم في تطوير المجتمع وتحسين جودة الحياة. مثلاً، يمكنه أن يستثمر في إنشاء شركة تكنولوجية تقدم حلولاً ذكية ومبتكرة للمشكلات الحالية أو المستقبلية.

وأيضاً يمكن لرجل أعمال أن يستثمر في إنشاء تعليم عالي الجودة ويستخدم أحدث التقنيات. أو يمكنه أن يستثمر في منشآت تقدم خدمات صحية متميزة وتستخدم أحدث التجهيزات. أو يمكنه أن يستثمر في إنشاء مشروع سياحي أو ترفيهي يجذب الزوار ويوفر لهم تجارب ممتعة ومفيدة أو الصناعات الحديثة، خصوصاً أننا نشهد طفرة في مجال المعادن في البلد.

هذه أمثلة بسيطة لمجال كبير ومتعدد ويحتوي فرصا استثمارية كثيرة ومتنوعة طرحتها الرؤية، التي تبين كيف يمكن لرجل أعمال أن يكون مبدعا ومطورا، وأن يجعل صلب أعماله في مجالات الرؤية 2030. وبذلك يكون رجل أعمال ناجحاً وفاعلاً في خدمة البلد والمواطن، ويسهم في تحقيق أهداف الرؤية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلد. وهذا هو ما نحتاج إليه من جيل جديد من رجال الأعمال، لا من بعض الكسالى الذين يجمدون وينامون على العقار ويحتكرون ويرفعون أسعاره دون مجهود ودون خلق وظائف ودون تحريك للدورة الاقتصادية. فالعقار ليس هو الحل، بل قد يكون هو المشكلة، إذا لم نستثمر في مجالات أخرى أكثر قيمة وأهمية.

للأسف حتى بعض رجال الأعمال الجدد صغيري السن نسبياً تعلق بالعقار بناء على وصية عائلته أو آبائه من باب (العقار هو الابن البار) حتى ربما أكثر براً من الولد إلخ... فحبس نفسه في هذا المجال، الذي لا يحتاج إلى كثير من التفكير والإبداع.

هل من المنطقي أن يدعم رجل الأعمال ومن يجعل الرؤية وأهدافها ومجالاتها شغله الشاغل ويأخذ من وقته وجهده وتفكيره الشي الكثير مثل ما يدعم بعض الكسالى من تجار العقار الذين لا يستخدمون الكثير من التفكير، مجرد تجميد الأراضي والنوم عليها وعدم جلب قيمة مضافة للبلد؟ ببساطة الفئة الأولى يعملون ويفكرون والأخرى ينامون!

للأسف حتى الممولون مثل بعض البنوك وغيرها يساوون بين الفئتين، إذا لم يفضلوا الفئة الثانية لأن العقار على قولهم لا يحمل إخطاراً وبسيط حسابه!

تقديم دعم وتسهيلات وتفضيل فئة الابتكاريين والمبدعين والجيل الجديد من رجال الأعمال، هو أولوية لأنهم من سيصنعون المستقبل. إذا ساوينا بين الطرفين فربما قد يتشجع البعض للكسل والأقل جهداً والأقل تفكيراً وهو العقار، مما سيؤثر في نمو وازدهار بقية القطاعات الأخرى التي تتنمي لروح الرؤية وتنسجم معها تماماً.