جرت العادة وفي العديد من المقالات أن أكتب (البدوي كاتب المقال) وسألني بعض الأصدقاء لماذا أعرف عن نفسي بكلمة (البدوي) عندما يحتم علي سياق المقال أن أعرف عن نفسي – مع أن المفضل ألا يكتب الواحد عن نفسه – كنت أجيبهم بأني أحسه التعريف الأقرب لنفسي وربما ردة فعل داخلية بعد الغربة لعقود في قارات العالم ومختلف الثقافات، أريد أن أبقى متمسكا بهويتي وبأصولي وخلفيتي البدوية، وما يتبعها من صفات متجذرة في عمق البداوة !
الآن الأمير عبدالعزيز بن سلمان أبدع واختصر الجواب الذي كنا نبحث عنه طويلا في كلمات بسيطة !
يقول الأمير عبدالعزيز بن سلمان في منتدى الاستثمار السعودي- الأوروبي:
«في البداية أود أن أرحب بأصدقائنا وضيوفنا، ويمكنني أن أؤكد لكم أنهم لم يعودوا ضيوفًا منذ مساء الأمس بل أصبحوا أصدقاء وجزءًا من نسيجنا».
ويتابع قائلًا: «مثلما كنا دائمًا كسعوديين وإذا لم تُمانعوا أن أُقدم ملخصًا حول هويتنا، نحن ببساطة بدو، كنا وسنبقى بدوا مع بعض الحداثة، ووسط التحولات التي نشهدها نحافظ على بدويتنا، فنحن لا نزال نرحب بضيوفنا بأذرع مفتوحة وقلوب مرحبة، والآن بدولة أكثر انفتاحًا».
وأردف الأمير عبدالعزيز بن سلمان قائلًا: «نحن نُعبر بصراحة عما نؤمن به ولا نُغيّر معتقداتنا من أجل أن نظهر بشكل جيد، ولكن بصدق وفي ضوء ما نفعله الآن ليس فقط يمكننا التحدث بفخر بل بصدق شديد لدرجة أن كل ما نقوله يحدث».
أعتقد أن الأمير عبدالعزيز في كلامه القصير اختصر مجلدات لما يمكن أن يقال من المحافظة على الهوية والتشبث المحمود بها وصفات البدوي الأصيل وأيضا إمكانية التطور مع المحافظة على الأصالة وعادات البدو بإكرام الضيوف والصراحة وعدم الحكي بوجهين، البداوة التي أوجزها الأمير بجمل بسيطة كانت مقدمة كافية وافية لشعار المحافظة على الأصالة وتقاليدها وعراقتها وأيضًا في التأقلم نفسه مع المستقبل والتطور والمرونة والانفتاح.
عندما كتبت مقالا قبل حوالي 6 أشهر بعنوان (البدوي غالبا يبقى بدويا)، والغريب حتى قبل ذلك بسنتين تقريبا مقال (لماذا هؤلاء العرب البدو يتحكمون بطاقة العالم) وصفتهم بالبدو! وربطته بموضوع الطاقة، وحتى في عام 2019 كتبنا مقال (رحلة البدوي للعالم)، وغيرها كثير !
شكرا الأمير عبدالعزيز بن سلمان على مؤازرتكم وتذكير الجمهور الكريم بالهوية والبداوة الأصيلة وأهميتها وصفاتها، والتي لا تتعارض مع الحداثة، لم أعد أشعر شخصيا أني ربما البدوي الأخير كما ذكرت ذات مرة !
قد يلاحظ القراء أنني استخدمت اللقب الرسمي (الأمير عبدالعزيز) كثيرا في هذا المقال على غير العادة، وهذا يرجع إلى أني لست متأكدا من اسم أكبر أبناء الأمير عبدالعزيز وإلا فإن المحبب لنا دائما أننا نذكر في طيات المقال إذا أثنينا على شخص (أبو فلان) وهذا عرف وعادة لدينا منذ بداية الكتابة الصحفية قبل عقود، وهذا يرجع لتسمية سيدي الملك سلمان – حفظه الله – فنحن من صغرنا أهل الرياض ننادي شيخنا وأميرنا المحبوب (أبو فهد)، حتى صارت ملازمة للمحبة، فمن يحب الرياض يحب أبو فهد يحفظه الله، ومن يحب أبو فهد يحب الرياض كأنهما تؤام، ومن شب على شيء شاب عليه فأصبح الثناء على الشخص مقرونًا بمناداته باسم ابنه، وأعتقد أنها عادة عربية قديمة جدا، استوجب التوضيح حتى لا يعتقد القارئ أني استخدم الرسمية مع الأمير عبدالعزيز دون الآخرين.
والمقال قصير هذه المرة لأنه كما ذكرنا فإن الجملة الأولى من المقال ربما تكفي كثيرا.