في تحذير صارخ يسلط الضوء على التكاليف المتصاعدة لتغير المناخ، أصدرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقريرًا حديثًا يؤكد الضرورة الملحة لتحرك حكومي فوري ومنسق للتكيف مع المناخ. ومع تجاوز متوسط درجات الحرارة العالمية عتبة 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية خلال عام 2023، تتضاءل فرص الالتزام بأهداف اتفاقية باريس للمناخ، وتتزايد في المقابل التهديدات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

فاتورة الكوارث

بحسب التقرير، من المتوقع أن تتكبد اقتصادات العالم خسائر سنوية تصل إلى 50 تريليون دولار بحلول عام 2100، حال عدم اتخاذ تدابير فعالة للتكيف. وتبرز حدة الأزمة في أرقام عام 2022 وحده، إذ بلغت خسائر الولايات المتحدة وألمانيا وبلجيكا جراء حرائق الغابات والفيضانات نحو 379.7 مليار دولار.


أما في أوروبا، فقد كبّدت الفيضانات المدمرة في ألمانيا وبلجيكا عام 2021 الاقتصاد خسائر تقدر بـ44 مليار يورو، بينما تسببت موجات الجفاف والحرارة في عام 2022 بخسائر إضافية قدرها 40 مليار يورو.

الظواهر المتطرفة

تظهر البيانات تحولات عميقة في نمط الظواهر الجوية، حيث زادت وتيرة وحدّة الجفاف والأمطار الغزيرة والفيضانات في الفترة بين 2002 و2022. كما ارتفع طول موسم حرائق الغابات بنسبة 27% بين عامي 1979 و2019، في حين ازداد عدد الأشخاص المعرّضين لدرجات حرارة تتجاوز 35 درجة مئوية بنسبة 11.3% في نفس الفترة.

تُخلّف هذه الظواهر المتطرفة آثارًا اقتصادية هائلة، لا تقتصر على خسائر الأصول، بل تمتد إلى تقويض الإنتاجية، وتهديد الأمن الغذائي، ورفع تكاليف التأمين والتعافي.

الخسائر غير المباشرة

يحذر التقرير من أن التأثيرات البطيئة الظهور، مثل ارتفاع مستوى سطح البحر المتوقع أن يصل إلى متر واحد قبل نهاية القرن، قد تؤدي إلى تشريد الملايين وزيادة الضغط على البنية التحتية الساحلية. وتشير التقديرات إلى أن ارتفاعًا بمقدار 1.3 متر في مستوى سطح البحر قد يسبب أضرارًا فيضانية سنوية بقيمة 50 تريليون دولار بحلول عام 2100.

كما أن هذه التداعيات لا توزَّع بشكل عادل؛ فالمجتمعات الضعيفة، بما في ذلك الأسر ذات الدخل المنخفض، والنساء، وكبار السن، والشعوب الأصلية، تتعرض لتأثيرات أشد، ما يفاقم من أوجه عدم المساواة الهيكلية، ويزيد من حدة النزوح القسري وتغيير أنماط الهجرة.

خارطة طريق للتكيف

يشدد التقرير على ضرورة أن تعتمد الحكومات نهجًا شاملًا ومتكاملًا للتكيف مع المناخ، يبدأ بإجراء تقييمات منتظمة للمخاطر المناخية، تشمل بيانات مكانية دقيقة للفئات الأكثر هشاشة، وتحديد أولويات الاستثمار وفقًا للفجوات الأكثر إلحاحًا.

وينبغي تطوير خطط تكيف وطنية بأهداف زمنية واضحة وقابلة للقياس، مع التركيز على الإجراءات المرنة ومنخفضة والتي تحقق منافع مشتركة طويلة الأجل.

أدوات السياسات

لضمان تنفيذ فعّال، يوصي التقرير باستخدام مزيج من أدوات السياسات، تشمل التنسيق الحكومي والشراكة المجتمعية، حيث تمثلت أبرز توصيات التقرير بضرورة إنشاء فرق عمل حكومية مشتركة بين الوزارات لتنسيق الجهود، وتفعيل مشاركة المجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة، خاصة الفئات الهشة، لضمان التوازن بين التكاليف والمنافع، وتعزيز ثقة الجمهور في السياسات المناخية.

فاتورة تغير المناخ

+1.5 درجة مئوية زيادة في درجة الحرارة العالمية

50 تريليون دولار الخسائر المتوقعة عالميًا سنويًا بحلول 2100

44 مليار يورو كلفة الحرائق والفيضانات في وألمانيا وبلجيكا 2021

40 مليار يورو كلفة كوارث الحرارة والجفاف في أوروبا 2022

الفئات الأكثر تضررًا

الأسر منخفضة الدخل

النساء والأطفال

كبار السن

النازحون والمهاجرون