أميرة عسيري

في الآونة الأخيرة وبحكم الإيقاع السريع والمتغير للحياة اليومية العالمية، أحدث التطور التكنولوجي والمعلوماتي الكثير من المستجدات والمتغيرات في جميع النواحي الحياتية العامة والخاصة، لتوفر التقنية الحديثة بذلك كمًا هائلًا من المصادر والمعلومات التي لا حصر لها، مع إمكانية الوصول إلى هذه المعلومات وتخزينها بكل يسر وسهولة ومن أي مكان كان.

وتزامن مع هذه التقنيات الحديثة ووسائل الاتصال وتطبيقات التواصل الاجتماعي والكثير مما يتيح فرصة لنشر العلم والمعرفة، قفز إلي قاموس اللغة مصطلحات جديدة ! القراءة الإلكترونية، الكتب الإلكترونية،... إلخ

الكتب الإلكترونية قد يرى البعض أنها البديل الأرخص والأكثر توافرًا من الكتب الورقية، لكن علينا البحث والتفكر جيدًا قبل الإقرار بأفضلية هذا الخيار! سهولة الوصول ! بضغطة زر يمكنك تصفح آلاف الكتب والمنشورات، وليس ذلك فحسب! فيكفي أن تكتب كلمة أو إشارة لما تبحث عنه في محرك البحث لتظهر لك نوافذ عديدة لتثري شهيتك في البحث، فما عدت تحتاج للبحث في فهارس المكتبات ولا الترصد لإمناء المكتبات سائلاً مستفسرًا عن كتاب أو موضوع يشغلك، إضافة إلي إمكانية الحصول على تقييمات للكتب ممن كان لهم السبق في قراءته أو من مواقع تختص في تقييم الكتب، لتقرر أن كان يثير شغفك ليملكك لا العكس كما نظن حين نشتري كتابًا!

أو لتتخطاه باحثًا عن غيره ودون أن يرتد طرفك..

الكتب الإلكترونية لا تحتاج حيزًا أو مساحة للتخزين، ذاكرة صغيرة لا وزن ولا ثقل يمكنها حمل ما تنأى يداك عن حمله! لتحمل في هاتفك أو جهازك اللوحي ما يستحيل حمله لو استطعت إليه سبيلاً..

لكن.. هل الكتب أو القراءة الإلكترونية هي البديل عن الكتب الورقية والقراءة ؟! هل تستحيل الكتب الورقية لسابقتها المكتوبة على الجلد واللوح لتبرز من وراء زجاج المتاحف والمزارات؟!

أكثرية الشعوب العربية تعتبر الكتاب من الكماليات، والقراءة رفاهية بعد لقمة العيش والاكتفاء، فلا تشغله ولا يلقي لها بالًا، مع أننا في الوقت الراهن بات العالم من حولنا أكثر تعقيدًا وتشعبًا ولا سبيل لسبر أغواره وحل أحجيته سوى بالقراءة، ولا أعنى أن القراءة سابقًا هي أقل أهمية من الآن فنحن أمة أقرا قبل كل شيء، والقراءة هي حجر الأساس في هويتنا الدينية والقومية. الكتاب الورقي له سحره الذي لا يضاهيه شيء سواه، وحضوره المُهيب فلا شيء يمكنه مجاراة لذة رائحة الورق وتقليب صفحاته، والخطوط العشوائية نخطها لتختزل بذاكرة السطور بعضًا منا حزننا، فرحنا، دهشتنا بما نقلب في أيدينا.

وليس فقط المتعة و(خشخشة) الورق هي ما قد نفقد في القراءة الإلكترونية لكنها صحيًا وبصريًا تحديدًا لها عواقب قد تؤثر في إجهاد العين، وبحسب دراسة أمريكية أن القراءة الإلكترونية لهواة القراءة قبل النوم يجدون صعوبة أكثر في النوم وأقل نعاسًا في المساء إضافة إلي أن الساعة البيولوجية الداخلية لدى هؤلاء الأشخاص شهدت تأخيرًا ملحوظًا.

لكن من المؤسف القول بوجود عائق يصطدم به القارئ ويصعب في كثير من الأحيان تخطئ هذا العائق، أسعار الكتب..حقيقة وقد لا يوافق البعض، لكن أجزم أنه قد أجد من يهز رأسهُ إيجابًا لذاك..!

لكن السؤال الأهم ! هل ما تزال القراءة الإلكترونية بديلًا من وجهة نظرك؟!

كل قارئ يُضع مرساتهُ فيما يستطيع... لكن اقرأ... اقرأ واقتني المزيد من الكتب إن استطعت...