عثمان أبا الخيل

بين القلم والخيل علاقة جمال وصفاء ونقاء، علاقة بين الجماد الذي يحركه ويديره الإنسان الفارس وصاحب القلم الوطني الذي يعكس الواقع ويكتب ما يمليه عليه دينه وإيمانه ووجدانه وينقله كما هو فهو كمرآة القلب، وترجمان العقل.

الخيل حيوان يتباهى بجماله فهو الذي يملك وجهًا صحنيًا وعينين بارزتين فيهما هدوء شديد ووداعة وفتحات واسعة للأنف ويتميز هذا المخلوق الجميل بالحوافر المميزة، والرقبة الطويلة ذات التقوس البسيط والسيقان القوية والشعر الناعم شديد التناسق.

وما أجمل بيت المتنبي الذي أظهر هذا الجمال (الخَيْـلُ وَاللّيْـلُ وَالبَيْـداءُ تَعرِفُنـي*** وَالسّيفُ وَالرّمحُ والقرْطاسُ وَالقَلَـمُ).

الكاتب الجميل المبدع يدرك أن القلم الذي بين يديه يجرح أكثر من السيف حين يسيء بهدف الإساءة ويجرح ليدمي ويترك ذلك الجرح ينزف دماً.

الكاتب المبدع هو الذي يلازمه الإبداع كل حين، وهو الذي ينقل الواقع بجماليته على الورق مجسدا روح المسؤولية التي يفتخر بها. الكاتب المبدع هو ذلك الكاتب الذي لا يبحث عن المال، أو المجد والشهرة، الكتابة الحقة تنبع من داخل النفس.

الكتابة والكاتب توأمان متجانسان في كل الصفات والإبداع، من صفات الكاتب المميز صاحب شخصية متفردة ترتكز على جوهره وذاته، وما يعتمل في صدره من نزوع نحو الجمال وإظهاره ليرى النور وينير من يريد أن يرى النور.

الكاتب المبدع إنسان متعدد المواهب، كثير الاهتمامات، شديد التعاطف مع من حوله وما حوله، متعطش للمعارف، شديد الإخلاص للعمل،حريص على التجويد فيه.

هناك كُتاب مميزون مبدعون في طرحهم فيما يكتبون، فالقراء ينتظرون بشوق وتلهف لقراءة ما يكتبون، وربما يتأثرون ويؤثرون بمن حولهم.

الكتابة ليست أمراً سهلاً، فهي مسؤولية تقع على الكاتب وهو ربان السفينة، وهو الذي يعرف كل كلمة كتبها وكل عبارة خط بها قلمه. هناك كتاب مميزون كل في مجاله، السياسي والاقتصادي والمجتمعي والرياضي والثقافي والديني والرأي العام، وهذا التميز مرده إلى الشفافية والمصداقية في طرحهم للمواضيع.

فالكتابة موهبة ونعمة من فضل الله، لا يستطيع أحد أن يصنع كاتبا.

يعجبني ذلك الكاتب الذي يكتب عن تجاربه وخبراته ومعلوماته في مقاله الصحفي، فهناك القاري الذي يتلقى المعلومة وربما أخذ بها وقدمها للآخرين بطبق من ذهب.

في كل صحيفة محلية هناك كُتاب مميزون في ثقتهم في أنفسهم وفيما يكتبون، وفي آرائهم، وهذا ما يلمسونه من تجاوب وآراء القراء على اختلاف ميولهم.

يقول عبده خال «الكتابة حالة إنسانية تشعر بها دون أن توزع صراخك على الجيران»، حقاً الإنسانية تتجلى في أسمى معانيها جميع ما يحمله الإنسان في قلبه من حنان وحب، إلى جميع المحيطين فكيف يصيغها الكاتب المبدع.

إذا لم تكن مقتنعاً بما تكتب فضع قلمك في جيبك.