فيما يحاول الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني الظفر بمنصب رئيس الجمهورية في الحكومة العراقية القادمة، جاءت الأحداث متوالية بصداها ومخرجاتها على الطرف الكردي لتزيد من الطين بلّة، وتعقّد من المشهد السياسي، خصوصاً بعد استبعاد هوشيار زيباري القيادي المرشح لحزب بارزاني لمنصب رئيس الجمهورية من الترشيح، وصدور قرار قضائي يقضي بعدم دستورية تصدير النفط من إقليم كردستان إلا بموافقة الحكومة المركزية، فسرّها البعض أنها قرارات ربما ستُسهم في الاستعجال على الاتفاق بحسم المنصب لأي من الحزبين الكرديين الحاكمين في الإقليم والمعتاد أن يكون من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني لسنوات عديدة، فيما كانت رئاسة إقليم كردستان من حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني، والذي يبدو أنه يرغب هذه المرة بتغيير بوصلة اتجاه رئاسة الجمهورية العراقية في أن يكون هذا المنصب من حصته، فيما فسّر البعض قرارات استبعاد زيباري وعدم دستورية تصدير النفط من الإقليم بدون موافقة الحكومة المركزية بأنها عقوبات سياسية على حزب بارزاني لتحالفه مع مقتدى الصدر ومحمد الحلبوسي، وتشكيل حكومة الأغلبية في الحكومة والبرلمان.

تسريبات الغرف السياسية أشارت إلى أنه ربما يتم الاتفاق على تبادل مناصب الرئاسات بين الحزبين، بأن يتولى الاتحاد الوطني الكردستاني رئاسة الإقليم فيما يتولى الحزب الديمقراطي منصب رئاسة الجمهورية، وفي كل الأحوال اعتادت الكتل والطوائف العراقية أن تختتم مباحثاتها ومفاوضاتها بمرشحين للتسوية يتم تقديمهم في اللحظات الأخيرة لإنهاء حالة الجمود في المفاوضات السياسية، لكن يبدو هذه المرة أن النهايات ستظل مفتوحة وتحتاج إلى من ينهي اللعبة بعد أن أصبح كل طرف متمسكاً برأيه ومرشحه.

تماماً كما يقول المثل العراقي الشعبي (لو ألعب..لو أخرّب الملعب). دخول محمد الحلبوسي والذي اُنتخب مؤخراً لرئاسة البرلمان العراقي إلى قائمة مرشحي رئاسة الجمهورية ربما سيقلب موازين اللعبة ويُثير أكثر من غرابة واستفهام عن سرّ هذا الترشح لهذا المنصب، في معادلة اعتاد عليها العراقيون بعد عام 2003 في تقاسم الرئاسات الثلاث، بأن تكون رئاسة الجمهورية للمكون الكردي والوزراء للمكون الشيعي فيما رئاسة البرلمان للمكون السني، وهو ما يؤكد أن خواتيم المشهد السياسي ربما ستحمل أكثر من مفاجأة وتوقع غير مسبوق، خصوصاً إذا قرر مقتدى الصدر الفائز الأول في الانتخابات قلب معادلة التوازنات والاتفاقات والاتجاه إلى المعارضة كحل يعتقده الأفضل، وهو الذي اعتاد الجمهور على مفاجآته السياسية مما يعني إعادة التموضع للكتل السياسية في تحالفات وخيارات جديدة لإعادة رسم المشهد السياسي. في أي انتخابات كانت تجري في العراق بعد عام 2003 كانت تنتهي نهايات توافقية تُرضي جميع الأطراف بحصص وغنائم موزعة، لكن يبدو أن خيارات الانتخابات الأخيرة ربما ستغيّر الكثير من هذه النهايات وتخلق عناوين جديدة في الواقع السياسي العراقي...ربما من يدري؟.