يقصد به أثر التحول التقني المتسارع على الشبكة العنكبوتية، والاعتماد المتزايد على التواصل الإلكتروني، واستثمار هذا الانفتاح على الفضاء الذي مكَّن من تجاوز الحدود وإلغاء القيود، وجمع الناس في عالم افتراضي بدأ يسيطر على الواقع، ويقفز على الاستخدامات الشخصية، أو ما يسمى بالتواصل الاجتماعي، ليقتحم عالم المال والأعمال، منظماً للعمل ومسوِّقاً للخدمات والمنتجات، فتكوَّن بذلك اقتصاد السحابة، الذي تفرَّع عن مفهوم الاقتصاد الرقمي أو الاقتصاد الجديد عموماً.

هذا الواقع الجديد فتح آفاقاً واسعة أمام عالم المال والأعمال، وشكَّل اقتصاداً قائماً بذاته، أسهم بشكل فاعل في توسيع دائرة الأعمال وفتح مجالات واعدة للاستثمار وخلق نسق جديد في التسويق، وهو في هذا التوجُّه عزَّز مفهوم القيمة المضافة، بل هو في الواقع أكَّد على أن القيمة المضافة تنتج من إعمال الفكر، وهو ما غيَّر من مفهوم الموارد البشرية، فخلق تمازجاً بين عمل اليد وعمل الفكر، وهو تمازج قد لا يرجِّح، حالياً، كفة أحدهما على الآخر، لكنه، بالضرورة، يوقد شعلة قد تضيء مسار اقتصادات المستقبل، وتجيب عن تساؤلات كثيرة أثارتها النظرية الاقتصادية التقليدية حول موارد الاقتصاد ومحدوديتها في مقابل رغبات واحتياجات إنسانية لا حدود لها.

ولا شك أن هذا التغير الجذري على الساحة الاقتصادية، نظرياً وعملياً، له دور فاعل في إعادة هيكلة اقتصادات عالم اليوم، وهو ما يعني، بالضرورة، أن مصادر الدخل القومي ستتغير، وستميل الكفة لصالح تلك الاقتصادات التي تمكنت من إعادة الهيكلة ووضعت هذا التحول الرقمي في الطريق الصحيح.

وقد يكون من الصعب، على الأقل في هذه البدايات، أن نقدر نسبة إسهام الاقتصاد الرقمي في تكوين الدخل القومي، إلاَّ أنه من المؤكد أن لهذا الاقتصاد إسهاما معتبرا في ذلك، عطفاً على أثره في مسار وحجم الخدمات والمنتجات التي تنساب عبر العالم الإلكتروني الجديد، وما وفَّره من سهولة وانتشار، ناهيك عن تلك النقلة التقنية العالية في وسائل التواصل، والتي جعلت من الحياة أكثر سهولة، على الرغم من الملاحظات ذات الطابع الاجتماعي التي غيَّرت من وجهة المجتمع وشكلت جيلاً جديداً. يرى البعض أنه خلق فجوة كبيرة مع الجيل السابق، والحكم هنا يفترض أن يُبنى على المصلحة العامة، وليس العاطفة التي جُبل عليها ما نسميه بجيل الطيبين.