حرصت على حضور لقاء الأمهات مع إدارة المدرسة التي تحتضن ابنتيّ، وذلك للاطلاع عن قرب على رأي الأمهات وإدارة المدرسة في المنصة بعد أن سمعت في مناسبتين منفصلتين طرحا وافيا من قادة التعليم في الوزارة حولها، ورأيت كم وكيفية الجهد العظيم المبذول خلف الكواليس لإنجاح تجربة التعليم عن بعد وتحسين أدواتها.

لم يفاجئني حقيقةً اهتمام الأمهات والأسئلة الدقيقة التي طرحنها على المشرفة الطلابية والهيئة الإدارية في المدرسة حول المنصة، كالسؤال عن زمن الحصة، وكيفية احتساب الغياب، وكيفية التقييم وآلية تسليم الواجبات. لم أستغرب وضوح الإجابات والردود من منسوبات المدرسة حول ما سبق سواءً بالتوضيح أو تسجيل الملاحظات لسؤال القائمين على المنصة، كل هذا متوقع في ظرف تعليمي استثنائي نخوضه معا للمرة الأولى بهذا المستوى من التنفيذ فالأعمال الفارقة لا تولد كاملة بل تحتاج للتعاون والتعديل لكي تقارب الكمال.

لكن ما أود لفت النظر إليه هنا هو ضرورة تبني مفهوم مرونة التعليم وتنشيط المخ للتلقي معنىً ومبنى، فالتعليم الإلكتروني عن بعد لا يلزم معه نقل فلسفة المدرسة العادية للشاشات، وإلا لكانت قنوات عين المميزة كافية ووافية، لكن المنصة بيئة تفاعلية تقوم على سرعة التركيز وجودته وتركيز المتعلم ودافعيته أكثر من قيامها على الأربعين دقيقة المحددة من إدارة التعليم.

أقترح هنا على الوزارة مشكورة تقليص مدة الشرح في الحصة إلى 25 دقيقة تليها 5 دقائق راحة متبوعة بـ 10 دقائق لحل الواجب إن وجد، لتبدأ بعدها الحصة التالية، هذه الآلية مثبتة علميا ومعروفة تربويا بمسمى (تقنية الطماطم)، وهي تساعد على التركيز مما يزيد فرص احتفاظ الطالب بما تعلمه خلال الحصة الدراسية، كما يعده ذهنيا للحصة التالية بطريقة أفضل، لأن ذهنه حصل على الراحة التي يحتاجها.

هذا الاقتراح أيضا سيعفي طلاب وطالبات المرحلة المتوسطة والثانوية من انتظار انتهاء طلاب المرحلة الابتدائية من المنصة ليبدأوا بحل واجباتهم على المنصة، فالمنصة غير متاحة لكل المراحل في الوقت نفسه. من غير المنصف أن يقضي طالب المتوسطة والثانوية نصف يومه بين التاسعة صباحا والثالثة مساءً حاضرا للمنصة والنصف الآخر، مترقبا حل الواجب وإرساله للمعلم، وأخشى ما أخشاه أن يفقد الطلاب الدافعية اللازمة للتعلم بتعنتنا في مسألة الوقت، ولذلك فإن منحهم فرصة الحل في الحصة سيكون لها أثر إيجابي على أدائهم، ويمكن من خلالها أيضا تفعيل تقويم الأقران لبعضهم وزيادة التفاعل التقني بين الطلاب.

الأمر التقني الآخر هو عدم ظهور نسبة الغياب للمتعلم وذويه، وهذا هام جدا لتنمية الرقابة الذاتية، والتي تعتبر مؤشرا حقيقيا على نجاح التعلم عن بعد، فلعل مطوري المنصة يضعون هذا الأمر في الحسبان، لأنه يفيد الطالب ويخفف ضغط المتابعة على إداريي المدرسة، فالمنفعة هنا مشتركة وواضحة. تفاصيل الغياب تظهر حاليا لمعلم المادة فقط، وعليه أن يبلغ الإدارة يوميا بمن غابوا لتتواصل إدارة المدرسة مع الأهل للسؤال عن الطالب، يمكن اختصار هذه الخطوات بوضع أيقونة في حساب الطالب بجوار كل مادة تبين له غيابه وتطلب منه إرفاق عذر الغياب أو إثبات الحضور إن وجد أي منهما، فالمنصة حاليا لا تزال فيها أخطاء تقنية تغيّب الطالب حتى مع تواجده بحسب ملاحظات الأمهات والإدارة، ومن تجربتي الشخصية كذلك. هذا ما اتسعت له المساحة وللحديث بقية.