والرضا عن الحياة من أهم مؤشرات التوافق النفسي، والصحة النفسية، وهو من المباحث التي تم تناولها في كثير من الدراسات الحديثة، لما له من أهمية في تحمس الإنسان للحياة، والإقبال عليها، والرغبة الحقيقية في أن يعيشها.
ويُعرف الرضا عن الحياة لدى بعض الباحثين بأنه مدى تقبل الإنسان لذاته، وأسرته، وأسلوب حياته التي يحياها، ومدى سعادته في عمله، وتقبله لأصدقائه وزملائه، ورضاه عن إنجازاته الماضية، وتفاؤله بما ينتظره في المستقبل، وسيطرته على بيئته، وقدرته على اتخاذ القرارات، وتحقيق أهدافه.
وفي الحقيقة يشعر بالرضا عن الحياة الأشخاص الذين امتلكوا مفاتيح الرضا، وتعلموا أن يستخدموها بفعالية، وكانت النتائج لديهم إيجابية للغاية.
وللوصول إلى تلك الحالة من الرضا التي وصل إليها أولئك الناجحون، دعونا نستخدم تلك المفاتيح التي ستسهم في تعديل الصورة الذهنية في الرضا عن الحياة، والتي قد تساعدنا على الإجابة عن السؤال الذي يتكرر على أسماعنا كثيراً، هل أنت راضٍ عن حياتك؟ أو يمكن أن يُصاغ السؤال بطريقة أخرى، كيف يمكن لك أن ترضى عن حياتك؟
أول تلك المفاتيح هو التفاؤل، وهو نظرة استبشار نحو المستقبل، تمكن الإنسان من توقع الأفضل، وانتظار حدوث الخير، والتطلع إلى النجاح واستبعاد ما دون ذلك، لكنه لا يعني التفكير الإيجابي الساذج الذي قد ينطوي على نظرة إيجابية دون عمل واجتهاد للوصول إلى الأهداف، فلا تفاؤل دون بذل الجهد.
كما أن التشاؤم وهو ضد التفاؤل يُعد من مدمرات الرضا، هو تقييم سلبي للأحداث الحالية والمستقبلية، ويتضمن التنبؤ بالمستقبل دون معطيات حقيقية تدل على النتائج، وما أكثر المتشائمين الذين (يزيدون الطين بلة) كلما استشرتهم زادوك خوفاً فوق خوفك، وتراكمت نصائحهم بالبعد تارةً، وبالتحذير من عواقب أغلبها بدون مبررات واقعية تارةً أخرى، كما قد تكون الإجابة عند استشارتهم في أي موضوع (أنا قلبي مو مرتاح لهذا الموضوع)، دون إبداء الأسباب.
ولا يمكن أن نتحدث عن مفاتيح الرضا دون الحديث عن الأمل الذي يعتبره الباحثون القوة الدافعة للرضا عن الحياة، وهو حالة من الدافعية الموجبة التي تشعرك بالطاقة لتحقيق الهدف، كما أنه حالة إيجابية لحفز الهمم، ويتكون من مكونين هامين هما: المقدرة الموجهة للهدف، والثاني هي مسارات التفكير العملية لتوليد خطط التطبيق للأهداف، وهي يمكن أن تكون واحدة أو أكثر مع وضع خطط بديلة عند حدوث العقبات.
إن إحاطة الإنسان نفسه بالمتشائمين والمحبطين تراكم الشعور بعدم الرضا، وتجعله يشعر باستمرار بعدم الحيلة، وتفقده التفكير الإيجابي، وتجعله أسيراً للأوهام، والتشتت الذهني، وتحول أيامه إلى خيالات حدوث الأسوأ، وخيبة الأمل المستمرة، وبالتالي تفاقم حالة عدم الرضا، وقد تتحول في كثير من الحالات إلى الاكتئاب المرضي، الذي يُعد أعلى حالات عدم الرضا.
لذا فلنبدأ بشراء مفاتيح الرضا، وليكن الطلاق البائن الذي لا رجعة فيه من المتشائمين والمحبطين الذين هم أعداء الرضا.
ودمتم بخير ورضا.