لا يكاد يخلو بيت في العيد من طقوس جميلة نحبها جميعاً، وما زلنا نعيش عبقها كل عيد. العيدية وهي الهدية المالية اللطيفة التي تُعطى في يوم العيد للأطفال وأحياناً للكبار تُدخل السعادة لقلوبهم، وتُجسد معاني العطاء في الأسرة، وتكون بمثابة علامة فارقة ليوم العيد، إضافة إلى ما يملأ الأطفال جيوبهم بها من حلاوة العيد، وتلك النسمات العطرية الفاخرة من بخور وعطور تملأ البيوت بالفرح، ويستعيد الجميع ذكريات الطفولة، ويتبادلون النكات، والضحك على مواقف يتذكرونها على مائدة إفطار العيد.

عند النظر في تلك العادة الجميلة وكيف يمكن أن نستثمرها في غرس قيم العطاء والصدقة، من خلال توجيه الأطفال إلى أن هذه المبالغ البسيطة التي يجمعونها في العيد يمكن أن تكون رصيداً لهم في الآخرة عبر التصدق بجزء منها على المستحقين من خلال القنوات الرسمية للصدقة وهي كثيرة ولله الحمد، في بلدنا المعطاء، ومن ضمنها منصة إحسان الرائعة في التنظيم وتحقيق الأهداف التي وضعت من أجلها.

وحلاوة العيد التي نجتهد كثيراً في شرائها وتنويعها، وتكون أول ما نقدمه لضيوف العيد مع فنجان القهوة السعودية، قد تكون فرصة للتفكير بجدية لأن يكون كل ما نعطي لمن نحب بنفس روح حلاوة العيد، وأن نعيد النظر في ما نقدمه للآخرين في أعمالنا وفي علاقاتنا الاجتماعية، بحيث نحرص ألا يشعر من يتعامل معنا إلا بحلاوة القول، وجمال الإحساس، والتلطف في الرد، والرفق في التعامل مع الجميع.

ويحلو الحديث عن عطور وبخور العيد، التي تبعث في النفس الراحة، ونسترجع في كثير من الأحيان عبق الذكريات التي تخطر على البال عندما تجول رائحة عطر مميز، ونتذكر من خلالها أشخاصاً لهم في القلب مكانة، وفرقت أقدار الله بيننا وبينهم، فيكون ذلك الشذى فرصة للدعاء لهم، وتذكرهم بالصدقة عنهم، لتكون فرحة العيد ليست للأحياء فقط، وإنما لمن رحلوا عنا، لينعموا بمزيد من العطاء منا، ونجسد حبنا لهم بما نقدمه عنهم.

العيد فرصة سنوية تذكر بالحاجة للفرح بمعناه الذي يتجاوز مجرد الشعور بالسعادة الشخصية، بل يمتد إلى الفرح بالعودة إلى التواصل مع من انكسرت بينهم جسور التواصل، عبر التجاوز عما بدر منهم من زلات، والتسامح والعفو عن الأخطاء.

إن الاحتفال بالعيد والعيش مع أجواء الفرح يجعلنا نفكر وبروية كيف يمكن أن نملأ أوقاتنا بالفرح عبر إعطاء النفس فرصة للترفيه، وإعادة النظر في توزيع الوقت بين العمل والأسرة والأصدقاء بحيث لا يطغى جانب على الآخر، وكيف يمكن أن نزرع الفرح حولنا عبر بذل المزيد من العطاء لمن نحب، وكيف يمكن لنا أن نتجاوز الأحزان بالرضا والتفاؤل، والبعد عن التشاؤم والمتشائمين والمحبطين.

يمكن للعيد ولمعانيه السامية أن نعيشها في كل يوم، فالعيدية هي الصدقة وبذل الخير، والحلاوة هي طيب الكلام والفعل، والعطر هو الإحساس بالجمال والحب.

وكل عام وأنتم بخير.